Sunday, October 18, 2009

المصالحة الفلسطينية.. .. بين الاستحالة والمثالية الحمقاء (2)ا


الورقة المصرية للمصالحة


تحدثنا مسبقا عن أزمة الثقة المفتقدة والمواقف المتباينة التي تمنع من التقاء الطرفين الفلسطينيين ( أعتبرهما طرفين لأن جميع فصائل المقاومة الثورية التي تتبني الكفاح المسلح ضد المحتل طرف واحد ، والسلطة وكافة الانهزامين طرف واحد )وكذلك الطرف الوسيط غير المحايد ..
أود أستأنف الحديث مبتدءاً بوافر الشكر والتحية لمناضلي حركة حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية وكافة الفصائل علي رفض التوقيع علي الورقة المصرية

-سؤال : ما تسمية هذا الذي يتم بين هذه الأطراف الثلاثة ؟
يدعي الوسيط المصري أن ما كان يتم في القاهرة هو مفاوضات للمصالحة الوطنية ، وهذا كذب صريح وادعاء لا حجة له
إن ما تم في القاهرة لم يكن سوي مساومة سياسية ليست من أجل فتح ولا السلطة الفلسطينية ، ولكنها بالدرجة الأولي استمرار في المساومة التي تمت بعد حرب الفرقان تحت اسم المبادرة المصرية ، تلك التي حاول النظام المصري ( الثلاثي مبارك – أبو الغيط – عمر سليمان ) أن يمنح إسرائيل بالسياسة ما لم تستطع الحصول بالحرب ..
- إن المفاوضات بين طرفين تقوم بالأساس علي ما يمكن تسميته بمتوسط المصالح لكل من الطرفين ، وذلك يبني علي أن لكل طرف حد أقصي من المطالب وحد أدني وبين هذين الحدين تتم عملية التفاوض ، ويعتبر الحد الأقصي هو أقصي مدي المكاسب التي يمكن الحصول عليها من خلال عملية التفاوض ، أما الحد الأدني فهو العكس من ذلك حيث هو الحد الأقصي لما يمكن التوصل إليه من تنازلات لإنجاح عملية المفاوضة .

- أما إذا دفع أحد هذين الطرفين للتخلي عن حده الأدني فهذا يعني فشل التفاوض وتحوله إلي عملية ضغط سياسي لصالح الطرف الأقوي الذي يكسب كل شئ بينما الشريك الأضعف يخسر كل شئ

- وفي حالتنا هنا مفاوضات ( فتح – المقاومة ) هناك خلاف قائم بين الطرفين هذ الخلاف يتمثل في :
1- السلطة تعترف باسرائيل ، المقاومة ترفض الاعتراف .
2- السلطة تقبل بحكم ذاتي منزوع السلاح ، المقاومة تتبني الكفاح المسلح لتحرير الأرض .
3-السلطة تنال شرعيتها من صلحها المباشر مع الكيان الصهيوني ، المقاومة تنال شرعيتها من الجماهير أصحاب الأرض والمعاناة .
نلاحظ هنا أن كافة الخلافات بين الطرفين هي خلافات عقدية أيديولوجية ، إذا تخلي طرف منهما عن أي جزء منها يكون قد فقد هويته الأصلية ولا حاجة وقتها للمفاوضات .
هنا جاء دور الحديث عن الوسيط والورقة المصرية للمصالحة :
أولا : الأمن ..
تري الورقة المصرية تشكيل لجنة أمنية عليا بمرسوم رئاسي من محمود عياس ( الرئيس المنتهية ولايته) وتعمل هذه اللجنة تحت إشراف مصري عربي (هكذا )وتتولي هذه اللجنة إعادة صياغة الأجهزة الأمنية ، علي أن تستوعب فور التوقيع 3000 من عناصر الشرطة والأمن الوطني في غزة ، ويتم زيادة العدد مع الوقت .
نتوقف عند هذه النقطة .. هذا معناه اندماج الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة في الأجهزة الأمنية للسلطة ، توقف تهريب السلاح إلي قطاع غزة ، تجريم حمل السلاح في الضفة والقطاع كلاهما ما لم يكن تابعا للسلطة ، كشف أهم الكوادر العسكرية في الفصائل لأجهزة أمن عباس ..
هذ كلها مكاسب لفتح واسرائيل في وقت واحد ( وهل للكيان الصهيوني طموح أكثر من تلك الشروط )
ماذا تكسب المقاومة ...... لم يتضح بعد

ثانياً : المعتقلون ...
الورقة تطرح فور توقيع الاتفاق يتم تحديد قوائم المعتقلين وفق الوضع الحالي وتسليم القوائم لمصر ويقوم كل طرف بالافراج عن المعتقلين لديه ، وبعد تنفيذ الاتفاق يسلم كل طرف قائمة المعتقلين الذين يتعذر الإفراج عنهم ...
أي هزل هذا ........... الأفراج عن المعتقلين هو لفظ عام يعني كافة المعتقلين ، وإذا كان هناك من كوادرنا وقيادتنا من لن يتم الإفراج عنه من خلال هذه المصاحة فمتي ؟؟؟ وما الجديد الذي تقدمه الورقة بشأن المعتقلين ( وبالطبع المعتقلون من المقاومة في السجون المصرية الذين يتم إزهاق أرواحم قطرة قطرة تحت التعذيب ليسوا ضمن هذا التفاوض ، فمصر ليست طرفاً في الصراع !!!!!! )

ثالثا : الانتخابات ...
تجري الانتخابات في النصف الأول من العام القادم 2010 علي أن تكون ( وطبعا هذه الصياغة مصرية بامتياز لأنها ديمقراطية بامتياز !!!)
انتخابات المجلس الوطني بالنظام النسبي الكامل
انتخابات المجلس التشريعي بالنظام المختلط (اشمعني !!!) 25% دوائر ، 75 % نسبي والحسم 2%
ويعاد تقسيم الدوائر الانتخابية إلي 16 دائرة ..، 11 دائرة في الضفة ، و5 دوائر في القطاع
لا يخفي ما في هذا النظام من حصر لحركة حماس حتي يصعب حصولها علي أغلبية في المجلس التشريعي تسمح لها بتشكيل الحكومة .

الأدهي من ذلك أن الإشراف علي كل ذلك مصري مما تقدم يثبت أن هذه الورقة ليست ورقة مصالحة ولكنها وثيقة استسلام مضمونها الحقيقي أن توقع منظمات المقاومة علي إلغاء وجودها ورباط هويتها من خلال حل أجنحتها العسكرية و تجريم الكفاح المسلح من أجل التحرر الوطني وانسحابها من الصراع كحركات مقاومة نهائياً ، مما يتسبب أيضاً في ضياع المكاسب التي حصلت عليها المقاومة من خلال حرب الفرقان وما بعدها وخيانة الشهداء والدم المسال من أجل فلسطين حرة ، وخاصة بعد مؤتمر الدوحة (رغم كل ما احتوي عليه من سلبيات ) إلا أن نتيجته العظمي هي اعتراف كافة الدول المشاركة بالمقاومة كحق مشروع للشعب الفلسطيني ..

وفي هذا درس واضح يؤكد أن علي المقاومة لابد أن تتمسك بالخط الثوري الصلب الذي كانت المقاومة اللبنانية فيها قدوة لمن يقتدي لأنه الخيار الصحيح بكل المقاييس وهو ( إن اليد التي ستمتد لسلاح المقاومة لابد أن تقطع )
- ولنذكر دائماً أن الخسارة في جولة تاكتيكية أو مفاوضات مؤقته ليس هو آخر الطريق ، فإن الهزيمة لا تتحقق سوي بالتنازل عن الأهداف الاستراتيجية وهذا هو الطريق الوحيد للهزيمة وهو الاستسلام ..
ولنذكر أيضاً أن ) : قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار )
يبقي الحديث عن منظمة التحرير وإعادة البناء ....

يتبع <<<<

No comments: